المسجد الأقصى.. حريق الحقد الذي لم تنطفئ ناره منذ 53 سنة

فلسطين- (الأيام نيوز) – حادثة حريق الأقصى لم تكن مجرّد فعل إجرامي عادٍ أو منفصل، بل كانت سياسة صهيونية مخططا لها بعناية، منذ بدء الاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية وحتى الآن، إذ لم يتوقف مسلسل الاعتداءات الإسرائيلية من اقتحامات واعتداءات على المسجد، في سعي محموم نحو تهويده وتجريده من هويته العربية والاسلامية.

ويؤكد الفلسطينيون في ذكرى إحراق المسجد الاقصى 53 أن الاحتلال الصهيوني يواصل هجمته الشرسة على مدينه القدس وعلى المسجد الاقصى، وما تزال جرائم ومخططات الاحتلال بحقّه تتصاعد وتشتد وتيرتها باستعمال مختلف الأساليب والوسائل، تمهيدًا لهدمه وبناء “الهيكل” المزعوم على أنقاضه، وذلك بدعم رسمي من الحكومة الصهيونية المتطرفة وسط صمت دولي مريب.

في العام 1969 أقدم المتطرّف دينيس مايكل روهان على إضرام النار في المُصلّى القِبلي بالمسجد الأقصى، مستخدما مادّة شديدة الاشتعال أحرقت أجزاء واسعة من المسجد إضافة لمنبر صلاح الدين التاريخي.

إحراق المسجد الأقصى يستمر بأشكال أكثر حِدّة، والنيران ما تزال مشتعلة فيه تهويدا وتهجيرا وقتلا للفلسطينيين، من خلال ممارسات إجرامية تنتهجها حكومة الكيان الصهيوني.

الأقصى خط أحمر

وفي مؤتمر للفصائل الفلسطينية عقد في ذكرى إحراق المسجد الأقصى، أكّدت شخصيات اعتبارية وممثلو الفصائل أن الاحتلال ما زال يمارس كافة أنواع الجرائم والانتهاكات ضد الأرض والمقدسات وسيبقى الصراع مشتعلاً مع الاحتلال حتى يزول عن فلسطين.. كل فلسطين، ولن تنطفي جذوة الصراع مع الاحتلال، كما أن المسجد الأقصى سيبقى العنوان الحقيقي للصراع مع العدو وقلب الأمة النابض الذي يسعى إلى تهويده وإقامة الهيكل المزعوم مكانه، مُحذّرين مما يتعرض له المسجد الأقصى والذي يُعتبر جزءا لا يتجزّأ مما تواجهه المدينة المقدسة من تعميقٍ للاستيطان وتغيير معالمها وهويّتها الحضارية وفرض وقائع جديدة على الأرض.

من جهتها حذّرت الرئاسة الفلسطينية، من أيّ مساس بالمسجد الأقصى المبارك، أو المساس بالوضع القانوني والتاريخي للمدينة المقدسة، مؤكدة أن “الأقصى” خط أحمر بالنسبة للشعب الفلسطيني وللأمتين العربية والاسلامية.

وجدّدت في بيان صحفي- استلمته (الأيام نيوز) – بمناسبة الذكرى الـ 53 لإحراق المسجد الأقصى المبارك، مطالبتها للمجتمع الدولي بتوفير الحماية للأماكن الدينية والمقدّسة في مدينة القدس المحتلة، وحماية تراثها وحضارتها وحماية سكّانها الفلسطينيين من عمليات الطرد من منازلهم والملاحقة وهدم بيوتهم واعتقالهم والتنكيل بهم.

وقالت الرئاسة: إن المساس بالمسجد الأقصى المبارك وسائر مقدّساتنا الإسلامية والمسيحية، يعني إشعال فتيل حرب دينيّة لا يمكن لأحد تَحمّل نتائجها الخطيرة وتداعياتها ليس على المنطقة فقط، وإنما على العالم أجمع، مطالبة المجتمع الدولي بضرورة التدخل لمنعها إنقاذا للاستقرار والأمن الدوليين.

وأشارت إلى أن الأقصى وكافّة الأماكن المقدسة في مدينة القدس المحتلة، ما زالت مستهدفة من طرف الاحتلال والمستوطنين، مؤكدة أن سياسة الاقتحامات تُشكل استمراراً لجريمة حرق الأقصى وتَكمِلَةً لمخطط تهويد المدينة والمساس بمقدّساتها.

حماية الأقصى واجب

بدوره أكّد خطيب المسجد الأقصى، الشيخ عكرمة صبري، أن الحرائق في الأقصى والقدس لم تنته، فعمليّات الاقتحامات ومصادرة أملاك المَقدِسِيّين والتهويد واغتصاب الأراضي وسجن أهلها متواصلة دون توقّف، وشدد على أن الدفاع عن القدس والأقصى وحمايتهما ونصرتهما واجب على كل مسلم حتى التحرير.

وأوضح الشيخ أن هذه الذكريات والآلام يجب أن تُجدِّد العزم والآمال للأمة بتنبيهها من الغفلة وتوجيه بوصلتها نحو الأقصى.

ودعا إلى دعم صمود المقدسيين والمساهمة في مشاريع التعليم وإعمار المسجد بالمصلّين وترميمه في إطار مواجهة الاحتلال وسياسته التهويديّة.

كما وتوالت عشرات البيانات في ذكرى إحراق المسجد الأقصى من المؤسسات والشخصيات والفصائل الفلسطينية، وجرى عقد مؤتمرات وفعاليّات تندّد بسياسة الاحتلال الصهيوني المستمرة لتهويد وتدنيس المدينة المقدسة، وتطالب العالم أجمع بضرورة الوقوف أمام مسؤوليته بالدفاع عن المقدسات الإسلامية، لأن الاحتلال يحاول فرض سيطرته علي المسجد ويثبت وجوده فيه بشكل متسارع لتنفيذ مخططاته.

الأقصى هدف استراتيجي للاحتلال

ويتعرّض المسجد الأقصى لسلسلة من الجرائم الممنهجة، مثل مخطط التقسيم الزماني والمكاني الذي تمهّد له اقتحامات المستوطنين المتواصلة وصلاتهم في ساحات المسجد، فضلًا عن تزايد حالات إبعاد المرابطين والمرابطات عن المسجد لفترات طويلة، في محاولة لكسر إرادتهم وشوكتهم.

وتواصل سلطات الاحتلال تكثيف أعمال الحفريات والأنفاق أسفل الأقصى وفي محيطه، وعرقلة عمل دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس المحتلة لترميم أسوار ومباني المسجد وصيانتها، لجعلها آيلة للسقوط أو غير قابلة للاستخدام.

ويشكّل المسجد الأقصى هدفًا استراتيجيًا لـ “جماعات الهيكل” المزعوم التي بدأت تتغلغل وتتّسع دائرتها من حيث العدد والنفوذ، وباتت تُخطّط لتوسيع باب المغاربة وزيادة ساعات الاقتحامات وعدد المقتحمين للمسجد، في مسارعة للزمن من أجل تغيير الوضع الراهن في المسجد وصولًا إلى هدمه لبناء “الهيكل” المزعوم على أنقاضه.

وفي صبيحة يوم الخميس الموافق 21 أغسطس/ أوت 1969، اقتحم يهودي متطرف أسترالي الجنسية يدعى مايكل دينيس المسجد الأقصى، وأشعل النيران عمدًا في الجناح الشرقي للمسجد، وإذ بألسنة اللهب المتصاعدة تلتهم المُصلّى القِبلي، وقد أتت النيران على أثاث المسجد وجدرانه وسقفه وسجّاده وزخارفه النادرة وكل محتوياته من المصاحف والأثاث، وتضرّر البناء بشكل كبير، ما تطلّب سنوات لإعادة ترميمها وزخرفتها كما كانت.

وطال الحريق أيضًا أجزاء من القبة الداخلية المزخرفة والمحراب الرخامي المُلوّن والجدران الجنوبية، وأدّت إلى تحطم 48 شباكًا من شبابيك المسجد المصنوعة من الجبس والزجاج الملون، واحترق السجّاد وكثير من الزخارف والآيات القرآنية وبلغت المساحة المحترقة من المسجد أكثر من ثلث مساحته الإجمالية (ما يزيد عن 1500 متر مربع من أصل 4400 متر مربع).

وسام أبو زيد - فلسطين

وسام أبو زيد - فلسطين

وسام أبو زيد مراسل الأيام نيوز وهو صحفي فلسطيني مقيم حاليا في غزة

اقرأ أيضا