صالون الصريح

صالح الحامدي يكتب: في مكانة القدس الشريف في الإسلام…

Salah Hamedi ce
كتب: صالح الحامدي

لقد سجل القرآن الكريم مكانة القدس الشريف في الإسلام عندما أبلغ أن الله سبحانه وتعالى أسرى بعبده وحبيبه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، في قوله جل شأنه: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ’

مهبط الأنبياء والمرسلين

وسُمي بـ المسجد الأقصى لبُعد ما بينه وبين المسجد الحرام، وفيه من البركات الحسية والمعنوية (الذي باركنا حوله) مما أنعم الله تعالى على تلك البقاع من الأنهار والزروع والثمار، ومن الجوانب الروحية والدينية حيث كانت مهبط الأنبياء والمرسلين ومسرى خاتم النبيين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، والمسجد الأقصى هو أحد المساجد الثلاثة التي تشد إليها الرحال، كما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي الصادق الأمين قوله ” لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى، وللمسجد الأقصى مكانته الجليلة في الإسلام، فهو أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ومسرى النبي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ومن دلالات فضائل بيت المقدس ومكانته أنه ” أرض المحشر والمنشر ” وهو بمثابة ” قطعة من الجنة ” والصلاة فيه كألف صلاة في غيره “. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبيه الصادق الأمين.

ارتباط وثيق

وبناء على ذلك فإن للمسجد الأقصى ارتباط وثيق بعقيدتنا الإسلامية وله ذكريات عزيزة على الإسلام والمسلمين، فهو مقر للعبادة ومهبط للوحي، وهو منتهى رحلة الإسراء وبداية رحلة المعراج، وقد مر رسول الله صلى الله عليه وسلم في رحلته إلى المسجد الأقصى “بالبقعة المباركة” التي كلم الله تعالى فيها سيدنا موسى عليه السلام وهي طور سيناء فصلى بها ركعتين، ومر بالبقعة المباركة التي ولد بها سيدنا عيسى وهي بيت لحم فصلى بها ركعتين، ثم وصل إلى بيت المقدس فوجد فيها سيدنا إبراهيم وسيدنا موسى وسيدنا عيسى في جمع من الأنبياء والرسل، فصلى بهم جميعا، ثم عرج به جبريل عليه السلام إلى السماء، فرأى من آيات ربه الكبرى، كما جاء في آية الإسراء والمعراج، ولما عاد الرسول صلى الله عليه وسلم عند الفجر من رحلته المباركة وأخبر قومه كان منهم من صدق ومنهم من لم يصدق، وذهب بعضهم إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه وأخبروه، فما كان جوابه إلا أن قال لهم ” والله لئن كان قاله لقد صدق، وبتمادي البعض في عنادهم يسألون الرسول صلى الله عليه وسلم في تعنت عن بيت المقدس، ولكنه وهو المؤيد من قبل ربه العزيز الحكيم انتهى إلى الانتصار على مناوئيه…

مرحلة مفصلية

وكان سيدنا أبا بكر الصديق رضي الله عنه كلما وصف لهم الرسول صلى الله عليه وسلم وصفا يقول صدقت أشهد أنك رسول الله، وواصل الرسول الصادق الأمين وأصحابه الرسالة في مكة المكرمة بتأييد من الله القوي المتين إلى أن جاء الأمر بالهجرة إلى المدينة المنورة فكانت مرحلة مفصلية في مواصلة نشر الرسالة بحزم وثبات والرسول وأصحابه متسلحين بعقلية الجهاد والمجاهدين في سبيل توسيع رقعة انتشار رسالة الإسلام في كل أصقاع العالم شرقا وغربا شمالا وجنوبا، الحمد لله رب العالمين أرحم الراحمين أكرم الأكرمين، والصلاة والسلام على رسوله المصطفى ونبيه الصادق الأمين.

النموذج المحسوس

وفي هذا النموذج المحسوس لمثوبة الجهاد تجيش في نفوس العرب والمسلمين، وفي طليعتهم المجاهدين الفلسطينيين، عواطف العزم والإيمان لتدفعنا لتحرير وتطهير القدس الشريف، واسترداده من العدو المحتل، المغتصب لأرضنا الفلسطينة، وتحرير كل بقعة في الوطن الإسلامي، ويكون الجهاد من أجل إعادة الحق إلى أصحابه “الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله” كما قال رب العزة
(وأخرجوهم من حيث أخرجوكم)، ولعل الإرادة الإلهية اختارت أن يكون الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد الأقصى وصلا للحاضر بالماضي وتقديرا لمنزلة هاته البقعة المباركة التي عاشت عمرا طويلا تنشر على ظهرها الهداية، وتستقبل في رحابها النبوات…

إعلان لعالمية الإسلام

وظل بيت المقدس مهبط الوحي الإلاهي سنين طويلة، فلما عصى اليهود الصهاينة أمر ربهم وتنكروا لوحي السماء تحولت النبوة عنهم، وانتقلت إلى ذرية إسماعيل، وتحولت بالتالي القيادة الروحية إلى خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد النبي المصطفى الصادق الأمين، و بالنموذج الذي ارتآه رب العزة سبحانه وتعالى، وفي هذا إعلان لعالمية الإسلام، وإعلان بانه التشريع الخاتم والرسول الذي اختتم به الله العزيز الحكيم الأنبياء والمرسلين، وأن آية الإسراء والمعراج ومخرجاتها لتضع في أعناق المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها أمانة القدس الشريف، وأن التفريط فيه تفريط في دين الله العزيز الحكيم، وسـ يسأل الله تعالى المسلمين على هاته الأمانة إن فرطوا في حقها أو تقاعسوا عن نصرتها وإعادتها…

توحيد الجهود

فعلى المسلمين الموقنين بشرعية حقوقهم وعدالة قضيتهم أن يوحدوا جهودهم ليكونوا بوحدتهم قوة إسلامية مهابة ولا تضعف في المطالبة بحقوقها المشروعة، فطريق الوحدة ورص الصفوف في مناشدة القوة هو طريق الحفاظ على مقدساتنا التي تمثل جزء من عقيدتنا وديننا، والله ولي التوفيق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى